دومينيكا: في طريقها لتصبح أول دولة مقاومة للأعاصير في العالم

خلق إعصار ماريا، الذي دمّر دومينيكا في عام ٢٠١٧، ضرورة التكييف الكامل للجزيرة مع تغير المناخ.

ضرب إعصار ماريا جزيرة دومينيكا في سبتمبر ٢٠١٧، و دمّر أكثر من ٩٠ ٪ من مباني الجزيرة. يعيد سكان دومينيكا اليوم بناء الجزيرة مع العلم بأن تغير المناخ قد يعني مستقبلاً من العواصف مثل ماريا.

بدأ الإعصار في مساء يوم ١٨ سبتمبر، قبل حوالي ثلاث سنوات، برياح قوية و أمواج عالية و سماء مظلمة. دمّر إعصار ماريا أكثر من ٩٠ ٪ من الجزيرة و شل اقتصادها.

و مع ذلك و على الرغم من ما أصاب دومينيكا من أضرار مادية، يقول العديد من السكان إنهم ليسوا قلقين أكثر من المعتاد لأن الأعاصير ليست بشيء جديد على الجزيرة الكاريبية الصغيرة. تقع دومينيكا في شرق البحر الكاريبي و على بعد ٥٠٠ ميل شمال شرق كاراكاس، فنزويلا، و بين سلسلة من الجزر التي تصل البحر الكاريبي إلى المحيط الأطلسي.

اقتراب العاصفة

أدرك سكان الجزيرة بسرعة مع اقتراب ماريا، أن العاصفة ستكون أسوأ بكثير مما توقعوا. أظهرت الدراسات أن ماء المحيط الأطلنطي تسخن، مما يجعل العواصف أكثر شيوعاً و كثافة و طويلة الأمد. فالمياه الدافئة في المحيط هي وقود للإعصار. إنها تعمل كمحرك، كلما كان الماء أكثر دفئاً، كلما زاد دوران المحرك و نما الإعصار بشكل أسرع و أكبر.

الضغط للتكيف

على الرغم من أن ماريا كانت أسوأ عاصفة تضرب دومينيكا على الإطلاق، و اهتز اقتصاد البلاد عدة مرات على مدى العقد الماضي، إلا أن هذه الجزيرة الكاريبية كانت قادرة على تجاوز الأعاصير و العواصف الاستوائية التي حدثت في ٢٠١٥ و ٢٠١٣ و ٢٠١٠.

تقدّر منظمة التجارة العالمية أن إعصار ماريا كلّف دومينيكا ما يزيد عن عامين من الناتج الاقتصادي. يتوقع الخبراء الماليون أنه سيكون هناك ما يقرب من ثلاث سنوات أخرى قبل أن تتمكن دومينيكا من العودة إلى حالتها قبل الإعصار.

بعد خمسة أيام من العاصفة، خاطب رئيس وزراء دومينيكا روزفلت سكيريت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلاً:

 

“لقد جئتكم مباشرة من الخط الأمامي للحرب الناتجة عن تغير المناخ. كنا في الماضي نستعد لعاصفة شديدة واحدة في السنة. و لكن الآن، تتشكل آلاف العواصف في وسط المحيط الأطلسي و تضرب دولتنا بأقصى قوة”.

يمكن أن تكون إعادة البناء مكلفة، و لكن إن إعادة بناء منزل أو عمل بعد إعصار من الفئة ٥ أكثر تكلفة. لحسن الحظ، استفاد نظام الرعاية الصحية و المجتمع و الفنادق و المنتجعات الفاخرة في دومينيكا من الأموال الناتجة عن برنامج الجنسية عن طريق الاستثمار في الدولة، و الذي يوفر الجنسية و جواز السفر الثاني للأجانب الذين يستثمرون في الجزيرة.

تسعى دومينيكا إلى بناء ليس فقط المباني المقاومة للأعاصير ولكن أيضاً اقتصاداً متنوعاً، بما في ذلك قطاع السياحة و الزراعة و تصدير المحصولات خارج البلاد.

مقابلة حصرية: السفير يناقش فوائد سفارة دومينيكا الجديدة في أبوظبي

تضم دومينيكا ٣٦٥ نهراً، و هو ما يكفي للسباحة في نهر جديد كل يوم لمدة عام. هناك براكين نشطة و غابات خضراء و شعاب مرجانية مذهلة و شواطئ رملية سوداء. يتم الإعلان عن الجزيرة على مواقع السياحة و السفر باسم جزيرة الطبيعة، و هي وجهة من أهم الوجهات السياحية للأفراد المهتمين بالطبيعة.

دومينيكا قوية

تم إنشاء وكالة تنفيذ التكيف مع المناخ في دومينيكا في أوائل عام ٢٠١٨ لضمان إعادة بناء كل قطاع بعد إعصار ماريا. من مهام هذه الوكالة توحيد القواعد الارشادية للبناء، و المنتجات الزراعية المتنوعة، و محطات الطاقة الحرارية الأرضية الجديدة، و مراكز للرعاية الصحية المحسنة، و البنية التحتية للنقل في البر و البحر و كيفية الحماية من الأعاصير قدر الإمكان.

أصدرت دومينيكا في عام ٢٠١٨ قانون المرونة المناخية، و الذي دخل حيز التنفيذ بالكامل في اليوم الأول من عام ٢٠١٩، وفي خطاب الميزانية الذي تم تسليمه في يوليو الماضي، سلط رئيس الوزراء الضوء على المدى الذي وصلت إليه البلاد من حيث تنفيذ القانون.

عادت دومينيكا إلى الحياة بعد الاعصار مع ندوبٍ لتذكير الدومينيكيين بأن أعاصير بهذا الحجم ستكون جزءاً من واقعهم على الدوام. أن تصبح دومينيكا بلد ضد الأعاصير يعني خلق نظام بيئي استوائي متكامل في بلد قادر على التعافي، بل و حتى الازدهار – في الكوارث.

المصدر: ناشونال جيوغرافيك